الأحد، 22 يونيو 2014

الخوصصة...المدمرة للدول المتخلفة...تستهدف صحة المواطن (2)

نشرت من طرف : Unknown  |  في  الأحد, يونيو 22, 2014




22/06/2014

كما في مقالي السابق، أذكر دائما أن الخطاب موجه لإخواني وأصدقائي وجيراني المواطنين البسطاء الذين كلما ذهبوا لمؤسسة عمومية لقضاء حوائجهم -منها المستشفيات- إلا وأحسوا بالإضطهاد و"الحكرة"...

خطر خوصصة التكوين الصحي سيكون بمثابة وأد ما تبقى من جودة بالقطاع الصحي العمومي، مما سيعرض صحة المواطن دائما للخطر وإن كان في حضن المستشفيات والمراكز الصحية..

الحكومة حسب بعض الأخبار منحت مستشفى "الشيخ زايد" رخصة التكوين الطبي ،بمعنى آخر أن هذا المستشفى الضخم والغير عمومي مُنِح الحق في إقامة كلية أو مؤسسة تابعة له تتخصص في تكوين الأطباء، وبالتالي سيكون لدينا عن قريب كلية طب خاصة.
وكغيرها من المؤسسسات الخصوصية يظل معيارها الأبرز هو الكفاءة والقدرة المادية قبل الكفاءة الدراسية.والمشكل الكبير لا يندرج ضمن هذه النقطة، فالخطر المحدق بصحة المواطن بسبب هذا المشروع يتجلى في نقاط متعددة أبرزها:

أولا كما في التعليم فإن هذه الكلية الخاصة ستستورد أطرها المكونة وأساتذتها من الكلية العمومية.وإذا كان أساتذة ومدرسو المؤسسات التعليمية والتكوينية في المجالات الأخرى يزالون عملهم في القطاع الخاص مع استمرارهم في القطاع العام،فإن هذه الحالة تختلف في مشروع كلية الطب الخاصة لأن هذه الأخيرة ستجلب أطرنا من الكلية العمومية بشكل قطعي أي سينتقلون للعمل بشكل حصري لديهم ، مما سيؤدي لإفراغ الكلية العمومية من "البروفيسورات" الكبار ذوي الخبرة والتجربة المكوينين لأطباء الغد نظرا للأجر الضخم الذي سيتقاضونه بالكلية الخاصة إضافة لظروف العمل والإمكانيات التي ستتاح لهم بها بالمقارنة مع ما تقاضوه وتوفروا عليهم بالقطاع العمومي المزري.

ثانيا ،لما سيغادر أبرز الأساتذة المجربين الكلية والمستشفى العمومين، سيضعف تكوين أطباء الغد داخلهما حين يتم توكيل مهام التكوين لأساتذة شباب دون خبرة أو حنكة مما سيسبب الكثير من العبث والأخطاء والفوضى في تكوين الأطباء المستقبليين..

ثالثا وارتباطا بالنقطة الأخيرة، فإنه حسب بعض ما تناقل لمسامعنا أن طلاب الطب "الخاص" سينضمون ويتزاحمون لطلاب الكلية "الشعب" خلال التكوين التطبيقي بالمركز الإستشفائي الجامعي. وإن تحقق هذا فإنه سيمنحهم أفضلية أكبر على طلبة طب الشعب، فإضافة لتوفرهم على تكوين نظري رفيع من طرف الأساتذة المحنكين المستوردين ، سيحظون بتكوين تطبيقي ممتاز من خلال مرضى الشعب الكثر الذين يتوافدون للمستشفى العمومي لا الخاص.
في المقابل وإلى جانب التكوين النظري الضعيف الذي سيناله طلبة الشعب سيعانون أيضا من الإكتظاظ خلال الدروس التطبيقية بالمستشفى نظرا لتوافد "طلبة طب الخاص".

قبل الختام أود الإشارة باختصار إلى نقطة مهمة ،تلك المتعلقة برحيل الأساتذة والأطباء نحو المؤسسات الصحية الخاصة بشكل قطعي في حالة تلقيهم لعروض مغرية والذي يعتبر حقا مشروعا لهم . وتصحيحا للموقف والمعتقد المغلوط لدى العامة الذي يرون فيه أن الطبيب يجب أن يساعد الناس ويعيش لأجلهم فقط، ولا يتقبلون سعيه نحو تحسين دخله ومعيشته. أقول لكم كفى من لغة الصدأ هذه وكفى نفاقا فالطبيب يظل إنسان ومواطن مثلك مثله ولقد درس في حياته وكد حبا للميدان الطبي وسعي نحو عمل براتب محترم، لكن في المغرب وكما قلت سابقا ، لما يدرس كل تلك المدة وذلك الكم الهائل في الطب ويتخرج ، فإنه يتلقى صدمة الراتب الغير المتكافئ مع ما درسته والظروف المزرية التي يشتغل داخلها. بل حتى دكتوراه الطب بكل حجمها وصعوباتها لا تقاس في هذا البلد "الحكار" بالدكتوراه العادية ، أي لا تعتبر دكتوراه. دون أن أذكر لك مهزلة الأطباء العاطلين على العمل وغيرها.
أما إن كان لديك رأي آخر في سعي الطبيب هو الآخر نحو عمل بمقموات مادية ولوجستيكية أفضل، فحاسب نفسك أولا عزيزي لما تسعى أنت أيضا لتحسين راتبك ومعيشتك ولماذا لا تضحي بالمال وتعمل لأجل الناس فقط.

بخلاصة طبيب الغد سيفتقد لمكوينيه وأساتذته المجربين الذي يتقنون تلقينه أساسيات المهنة "الحساسة" بدون هفوات سواء نظريا أو تطبيقيا سينتج على طبيب عمومي بكفاءة أقل من نظيره طبيب "البريفي" الذي سيستفيد من تكوين نظري وتطبيقي عالي من خلال أساتذته المستوردين وأيضا من خلال الإمكانيات والظروف اللوجيستيكية المتاحة له.
وهكذا سنقدق المسمار الأخير في نعش الصحة لعمومية بشكل قاطع، وسنعيش ما يعيشه التعليم المغربي اليوم وبشكل أفظع. سيصبح المستشفى الخاص أحسن وأجود من نظيره العمومي ..
والمتضرر الوحيد من كل هذا هو المواطن البسيط الفقير الذي لا يقوى حتى على تغطية تكاليف العلاج بالمستشفى العمومي. لذلك فهو المعني بمشروع كليات الطب الخاصة شأنه شأن طلبة الطب بكلية الشعب !!

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 commentaires:

back to top