الجمعة، 30 ديسمبر 2016

ماذا يحدث مع الألتراس في المغرب ؟

نشرت من طرف : Unknown  |  في  الجمعة, ديسمبر 30, 2016


حمزة حركاني


تسير البطولة الإحترافية هذا الموسم على وقع استثناء من نوع خاص، لا يتعلق بتدابير إدارية جديدية سُنت، أو بتحيين قوانين ممارسة اللعبة. وإنما بالعامل المسوق الأول للكرة الوطنية "متهالكة المستوى": الجمهور (أو فئة منه).


مقاطعة الألتراس  في المغرب تشكل الحدث خلال هذا الموسم. التزاما بقرار "اتحاد الألتراس المغربي" (الذي يضم أغلب ألتراس الفرق المغربية)، احتجاجا على قرار وزارة الداخلية بحل الألتراس في المملكة.


الالتراس


قبل تسليط الضوء على المشكل لا بأس في تقديم نبذة عن"الحركية"، التي هي روابط ومجموعات لمشجعي الفرق، ذوو الانتماء والشغف الكبيرين بفريقهم المفضل. تعود نشأتها لأربعينيات القرن الماضي بالبرازيل، لتجد بعدها أوروبا الشرقية مرتعا لها ولتطورها، ثم تصل لشمال افريقيا في بداية القرن الحالي.

تكمن غايتهم في مساندة فرقهم المفضلة، بالحضور لجميع مبارياتها أينما حلت وارتحلت. بطريقة تشجيع إبداعية ومنظمة، عبر ترديد الأغاني والأهازيج المصاغة من طرف كل رابطة تشجيع على حدة، على مدار وقت المواجهة، إضافة للتيفوات التي تبتكر من حين لآخر.
أما التمويل فحسب عرف الألتراس يكون ذاتيا من خلال عائد بيع المنتوجات السنوية وواجب انخراط الأعضاء.
كما لا تفوتني الإشارة أن مجموع الألتراس المغربي، عدلوا في ثقافتهم المستوردة من الخارج بما يناسب السياق الثقافي والإجتماعي والديني في البلاد على مدار السنوات العشر الأخيرة.

 ما مكانة الالتراس في الكرة الوطنية؟



فرق بين صدى الكرة المغربية الآن وذي قبل. هنا لا يمكن نكران ما أضافته روابط التشجيع على الدوري المغربي كمنتوج كروي. تغيرت طرق التشجيع، لتتطور بديناميكية ونشاط يليقان بحيوية وحماس كرة القدم، فأصبحت الملاعب تشهد توافد الجماهير أكثر فأكثر، تشجيعا لمن يتغنون بحبه، وأيضا استمتاعا بما يجري بالمدرجات.

بدون إسهاب في الحديث، يكفينا العودة قليلا للوراء، ونجرد ما ذيع عقب أكبر المواجهات في بطولتنا المغربية "الإحترافية" من صيت، يستحوذ عليه الثناء والإنبهار، بما قدمه "اللاعب رقم 1" بالمدرجات، في ظل غياب الفرجة والمتعة والفائدة الكروية على المستطيل الأخضر.

لكن، ليس كل ما يتسم بالشروق والوردية، هو كذلك بأكمله. بداية ثقافة الحركية لم تكن بالوعي والتحضر الذي عليه الآن، فلا يخفى عن أحد أحداث الشغب التي حدثت ووقعت بين الجماهير في عديد المناسبات. استفادت منها الحركية بإعادة ترتيب أوراقها وتطوير كيفية تأطير أعضائها.

حب الفريق بجنون وتعصب، مساندته في أحلك الظروف وأزهاها، حمايه ورعايته، كره منافسك وغريمك "كرها رياضيا"؛ هي أبرز ما تمرره الألتراس لأعضائها.
في البدايات بدرجة كبيرة، تلقى عديد الشباب والمراهقين، بسطحية غاشمة هاته المبادئ لا جوهرها. لنشهد الصدامات بين الجماهير إثر التعصب المتطرف من بعضهم البعض. وأخرى تسبب فيها "طرف ثالث"، في الأصل هو معني بالعمل على احتواء وتجنب الشغب.

قرار الحل


كما هو جلي تحسن الوضع عن ذي قبل، ارتقى تنافس الألتراس فيما بينها حول ما يهم التشجيع والإبداع فيه. بينما حوادث الشغب هل مُحيت؟ لا لأننا في بلد بتعليم يتهالك وفقر منتشر (يحتل المرتبة 40 عالميا من حيث انتشار الجريمة سنة 2016).

في الموسم الماضي بعد سبت أسود خلف وفيات، سبقته حادثة شغب الديربي. الكل استنكر وحزن لما وقع، وتمت الإحاطة بالحادثة بشكل "احترافي" إعلاميا. لينزل قرار وزارة الداخلية في بلاغ تم تعميمه في جميع ولايات المملكة يقضي "بمنع كافة أنشطة المجموعات المسماة الألتراس المساندة للفرق، ورد فيه: "نظرا لكون المجموعة المسماة "الالتراس" تعدّ غير موجودة من الناحية القانونية لكونها غير مصرح بها طبقا لمقتضيات الظهير الشريف، والمتعلق بحق تأسيس الجمعيات، وبالتالي تبقى كافة أنشطتها غير مشروعة وخاضعة للعقوبات المقررة بمقتضى القانون".

بكل واقعية فاضحة، أعضاء الألتراس من المجتمع المغربي "السائر في طور النمو"، يضم نسيجا يتشكل من مراهقين وشباب ويافعين من فئات مختلفة، أغلبهم من الأحياء الشعبية البسيطة، بتعليم هش وضعيف ووضع اجتماعي بسيط (في مجملهم).
وجدوا في الألتراس ورشة لتفريغ طاقاتهم، والإبداع فيها بالطرق والوسائل التي يجيدونها. ورشة وجدوا فيها شغفهم، تحسسوا فيها أن قيمة ذات شأن لهم. ليعيشوا في هاته الورشة حياتهم - حيث وجودوا ذواتهم - وفق النمط التي تلقونه في حضنها.

ثمار تربية وتعليم أغلبية -مستقبل المغرب- من شريحته الواسعة الشعبية الهشة، معلوم مشهود في حياتنا اليومية (طبعا مع وجود استثناءات). إن كان سلوك الفرد ذو طابع إجرامي فاسد، فذاك مما تربى عليه في بيته ومحيطه ومدرسته.
رغم ذلك وجدنا الألتراس في تأطيرها بعد تربوي كبير غير منوط بهم القيام به، عملوا من خلاله على توجيه طاقات وحماس وحيوية أعضائها نحو التنافس ابداعيا، عوض التنافس عنفا وتقاتلا. لكن العنف يظل وسيظل في مجتمعنا ما دام الحال بهذا الازدراء فقرا وتعليما وصحة. والواقع المجتمعي خير مرآة.



المقاطعة





ردت "روابط التشجيع" في الجهة المقابلة على قرار حلها بجرأة، بإقرار مقاطعة مباريات الموسم الجاري، ليس ردا على "حلها" فقط، وإنما سعيا منها لإثبات قيمتها والمطالبة بتحسين ظروف المشجع بالملعب وحفظ كرامته -على حد قولهم-.

بدايةً خلال الأربع جولات الأولى، شوهد انخراط جميع الالتراس تقريبا. جعل مشهد الملاعب شاحبا أكثر من جودة الصورة، بمدرجات فارغة في جلها. تلاه حضور مؤقت لجولتين برسم منافسات الدوري المغربي، ثم معاودة إقرار "اتحاد الألتراس المغربي" إكمال المقاطعة لأجل غير مسمى.
بعد التوقف ومعاودة المقاطعة، لم تعد المقاطعة شاملة وكاملة، بقرار البعض العودة للمدرجات "لمساندة فرقها". لتتعالى معها أصوات تخوين الألتراس المتشبثة بمواصلة نضالها.

ما يحبط للأسف ان طرفي المعركة غير متوازي القوى، لذا فرغم فراغ الملاعب من الجماهير في سابقة من نوعها بالبطولة المغربية من زمن. غاب العمل الإعلامي بتنوير الرأي العام وتسليط الضوء على المستجد.
الكل يعلم ان سبب غياب الجمهور هو مقاطعة الألتراس، إلا ان وسائل الإعلام ترى أن العزوف له أسباب أخرى كالمطر والحر والكلاسيكووصمة عار على جبين السلطة الرابعة التي وإن اشارت للموضوع، فإنها تتناوله من زاوية واحدة، تنقص من قيمة مبدأ الإعلام، الأصل فيه "الحياد والموضوعية".


مع حظر نشاطها، فإن الأضواء ترَكَّز على روابط التشجيع حاليا. من جانبهم فإنهم يتوخون كل الحذر في ردود أفعالهم رغم تواتر ما يحفز تدخلهم. حذر يظهر كنوع من التقاعس، لكن كل حدث او واقعة ترتبط من بعيد او قريب بالألتراس قد يستغل حجة عليهم.

قضيتهم تتظر حل الجلوس للحوار، وهو امر بيد المقرر. رغم كل ما قيل ويقال فجماهير قليلة فقط تحضر،رغم أن القرار تخص به "الألتراس" أعضائها فقط. النوادي رغم تضررها الكبير من مقاطعة الجماهير، لم تحرك ساكنا (باستثناء فريق او اثنين)، مما يثير ريبة أكثر حول مدى التزام كل الأطراف بهاد القرار، وعدم الجرأة على مناقشته.

فهل فعلا الألتراس من يتحملون مسؤولية الشغب؟
وهل من العدل تحميل شغب افراد هم نتاج وجزء مجتمع بلد "سائر في طور التنمية" للحركية وروابطها هكذا بإسقاط عمودي؟

وإن كان الألتراس  هو "الداء"، هل يمكن لقرار يهدف الى منع "التيفو " او " الباشاج " أن يمنع فكر الالتراس من الدخول الى المدرجات؟

تابعوا صاحب المقال على صفحته بالفيسبوك:




شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

هناك تعليق واحد:

  1. شركة تنظيف منازل بالجبيل
    شركة تنظيف بالجبيل
    شركة تنظيف بيوت بالجبيل
    شركة تنظيف خزانات بالجبيل
    شركة تنظيف مسابح بالجبيل

    شركة تنظيف مجالس بالجبيل
    شركة تنظيف شقق بالجبيل
    شركة تنظيف فلل بالجبيل

    ردحذف

back to top